المراد -والله أعلم-أن الكتاب يبيِّن أمور الدين بالنص الذي ورد فيه، أو بالإحالة على السنة التي تولت بيانه، وإلا فلو لم يكن الأمر كذلك لتناقضت الآية مع قوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل:٤٤] .
وعلى تقدير أنه القرآن، فالمعنى يحتوي على كل أمور الدين، إما بالنص الصريح، وإما ببيان السنة له.
ثالثاً: وأما الحديث الذي نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم:
فزعموا -حسب ادعائهم -أنه يفيد ضرورة عرض السنة على الكتاب، فقد قال فيه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:"ما روى هذا أحد يَثْبُتُ حديثه في شيء صغر ولا كبر"(١) .
وذكر أئمة الحديث: أنه موضوع، وضعته الزنادقة (٢) . قال عبد الرحمن ابن مهدي: الزنادقة والخوارج وضعوا هذا الحديث، وهذه الألفاظ لا تصح عنه صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه، وقد عارض هذا الحديث قوم من أهل العلم، وقالوا: نعرض هذا الحديث على كتاب الله قبل كل شئ، ونعتمد على ذلك، قالوا: فلما عرضناه على كتاب الله
(١) الرسالة ص ٢٢٥ (٢) نُقل هذا عن يحيى بن معين. انظر عون المعبود (٨/١٥) ط دار الحديث بالقاهرة.