الذي استدل به مَن جوّزه، وهو قوله للعباس:" هي علي، ومثلها معها "؟ وقوله:" الماهر بالقرآن ١ مع السفرة الكرام البررة. والذي يقرؤه وهو عليه شاق له أجران "، هل المراد: حفظ حروفه، ويحصل الفضل بذلك أم لا؟ والحفظ مع فهم المعاني؟ وما معنى المشقة والتعاهد؟ وما معنى قوله: ٢ " طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الثلاثة " ٣. أفتونا مأجورين.
فأجاب، رحمه الله: اعلم - أرشدك الله -: أن الله سبحانه وتعالى بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالهدى الذي هو: العلم النافع، ودين الحق الذي هو: العمل الصالح؛ إذا كان من ينتسب إلى الدين: منهم من يتعانى بالعلم والفقه ويقول ٤ به كالفقهاء، ومنهم من يتعانى العبادة وطلب الآخرة كالصوفية، فبعث الله نبيه بهذا الدين الجامع للنوعين.
ومن أعظم ما امتن الله ٥ به عليه وعلى أمته، أن أعطاه جوامع الكلم، فيذكر الله تعالى في كتابه كلمة واحدة تكون قاعدة جامعة يدخل تحتها من المسائل ما لا يحصى; وكذلك يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكلمة الجامعة. ومن فهم هذه المسألة فهمًا جيدًا، فهم قوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ٦، وهذه الكلمة أيضاً من جوامع الكلم، إذ الكامل لا يحتاج إلى زيادة. فعلم منه بطلان كل محدث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كما أوصانا بقوله:
١ في طبعة الأسد: (في القرآن) ، وكذا في طبعة أبا بطين. ٢ في طبعة الأسد ساقطة. ٣ مسلم: الأشربة (٢٠٥٩) , والترمذي: الأطعمة (١٨٢٠) , وابن ماجة: الأطعمة (٣٢٥٤) , وأحمد (٣/٣٠١, ٣/٣١٥, ٣/٣٨٢) , والدارمي: الأطعمة (٢٠٤٤) . ٤ في طبعتي الأسد وأبا بطين: (ويصول) ، بدلاً من (يقول) . ٥ ساقطة من المخطوطة. ٦ سورة المائدة آية: ٣.