ومن هنا يتبين خطأ المتكلمين الذين بذلوا جهدهم وأتعبوا أنفسهم لتقرير توحيد الربوبية وأنكروا معرفة الله الفطرية -ومنهم الجهمية والقدرية الذين هم عند سلف الأمة من أجهل الطوائف وأضلهم- ظانين أن مشكلة البشرية من أول التاريخ أنها لا تعرف وجود الرب، وقد غفلوا عن هذه المعرفة الفطرية وأن المشكلة الحقيقية هي انحراف البشرية عن توحيد الألوهية١.
ب- الشرك في الربوبية: المثبتون للخالق نوعان: أهل توحيد وأهل إشراك في الربوبية، ولم يقع الشرك في الربوبية إلا من طوائف معدودة، والشرك في الربوبية نوعان:
أ- شرك التعطيل: وهو من أقبح أنواع الشرك كشرك فرعون عندما قال: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِين} ٢ فهو أشهر مَن أنكر الصانع لكنه كان في الباطن مستيقنًا أن موسى أصدق منه في الدعوة لربوبية الله، قال تعالى عنه وعن قومه:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّا} ٣، لذلك كان رد موسى عليه:{لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ} ٤.
وكذلك القائلون بالصدفة والطبيعة، والدهريون الذين قالوا:{مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْر} ٥، وهم الشيوعيون في زماننا
١ انظر الفتاوى ١٤/١٤ و ٢/١٤ وصيانة الإنسان ص١٤٧ وتيسير العزيز الحميد ص١٧. ٢ سورة الشعراء آية ٢٣. ٣ سورة النمل آية ١٤. ٤ سورة الإسراء آية ١٠٢. ٥ سورة الجاثية آية ٢٤.