ومن ثم فلا نُسَلِّم قول من قال:"لم يذكر التواتر باسمه الخاص إلا الحاكم النيسابوري (ت: ٤٠٥هـ) وابن حزم (ت: ٤٥٦هـ) والخطيب البغدادي (ت: ٤٦٣هـ) وابن عبد البر (ت: ٤٦٣هـ) وابن الصلاح (ت: ٦٤٣هـ) ، وقد تبعوا فيه أهل الأصول (١) "، لوجود إشارات قوية للمتواتر في كلام الإمام الشافعي في النص السابق، وقد وافق مناظره على إطلاق التواتر في قوله:"فما الوجه الثاني؟ قال: تواتر الأخبار، فقلت له حدد لي تواتر الأخبار بأقل ما يثبت الخبر ... ؟ "(٢) فهو لم ينكر تقسيم مناظره الأخبار، وإلا لقال له: لقد جئت شيئاً نكراً بابتداعك تواتر الأخبار.
بل إن ابن القيم نفسه قسم الأخبار المقبولة في باب الأمور الخبرية العلمية أربعة أقسام: متواترة لفظاً ومعنى، ومتواترة معنى لا لفظاً، ومستفيضة متلقاة بالقبول بين الأمة، وأخبار آحاد عدول (٣) ، فكيف ينكر التقسيم، ثم يقره؟
ونقل عن شيخه ابن تيمية رحمه الله أنه قسم الأخبار إلى متواتر وآحاد (٤) .
(١) خبر الواحد (مرجع سابق) ص ٩٦. (٢) جماع العلم بهامش الأم ٧/٢٥٨-٢٥٩. (٣) مختصر الصواعق المرسلة ص ٤٥٣. (٤) السابق ص ٤٦٤.