وقوله:{وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً} ٢ يعم كل شرك دقَّ أو جلَّ، كثر أو قل.
دعوة جميع الرسل إلى عبادة الله وحده
قال العماد ابن كثير في تفسيره:"هذا الخطاب مع أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن جرى مجراهم، وقوله:{سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} ٣ أي: عدل ونصف نستوي نحن وأنتم فيها، ثم فسرها بقوله:{أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً} ٤ لا وثنا ولا صنما ولا صليبا ولا طاغوتا ولا نارا ولا شيئا، بل نفرد العبادة لله وحده لا شريك له".
(قلت) : وهذا هو معنى لا إله إلا الله، ثم قال:"وهذه دعوة جميع الرسل قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} ٥، وقال:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} ٦ ". انتهى المقصود منه.
وقال -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله:{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} ٧ الآية. قال محمدبن إسحاق: حدثنا محمد بن أبي محمد عن عكرمة، أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال:"قال أبو رافع القرظي-حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإسلام-: أتريد يا محمد أن نعبدك كما عبدت النصارى عيسى بن مريم؟ فقال رجل من أهل نجران يقال له الرئيس: أَوَذَاك تريد منا يا محمد، وإليه تدعونا؟ أو كما قال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: معاذ الله أن نعبد غير الله أو نأمر بعبادة غير الله ما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني" أو كما قال صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله عز وجل في ذلك {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} ٨ إلى قوله: {بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ٩ قوله: {ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} ١٠ أي: ما ينبغي لبشر آتاه الله الكتاب والحكم والنبوة أن يقول للناس:
١ سورة الرعد آية: ٣٦. ٢ سورة آل عمران آية: ٦٤. ٣ سورة آل عمران آية: ٦٤. ٤ سورة آل عمران آية: ٦٤. ٥ سورة الأنبياء آية: ٢٥. ٦ سورة النحل آية: ٣٦. ٧ سورة آل عمران آية: ٧٩. ٨ سورة آل عمران آية: ٧٩. ٩ سورة آل عمران آية: ٨٠. ١٠ سورة آل عمران آية: ٧٩.