واستجاب الله دعاء إبراهيم -عليه السلام- ونبعت زمزم، وجاءت أفواج من الجراهمة، وسكنوا المكان فتأسست مكة المكرمة.
تعلم إسماعيل العربية، وصار رجلا يافعا، واختبره الله تعالى بأن أمر أباه إبراهيم -عليه السلام- بذبحه، فلما أخبره أبوه بذلك استسلم له، قال تعالى:{قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} ٣.
وأسلم نفسه لأبيه لينفذ ما أمره الله به، وقال له: يا أبت اشدد وثاقي، وحدّ الشفرة, وتلني للجبين، حتى لا تقع عينك على عيني، فتأخذك الرحمة والشفقة دون تنفيذ أمر الله, وخذ ثيابي، وأقرأ على أمي مني السلام ... خضع إسماعيل -عليه السلام- صابرا مخلصا، ففداه الله بذبح عظيم.
وقد تزوج إسماعيل -عليه السلام- من الجراهمة زوجتين، طلق الأولى، وأمسك بالثانية؛ لأنه بعدما تزوج الأولى جاء إبراهيم -عليه السلام- من الشام ليتفقد أحواله وأمه، فوجد أن هاجر -رضي الله عنها- قد ماتت، وأن إسماعيل قد تزوج، فسأل عن بيته، حتى إذا جاءه لم يجد إلا زوجته، فسألها: أين إسماعيل؟ قالت: خرج يبتغي رزقا ...
١ البداية والنهاية ج١، ص١٥٤. ٢ سورة إبراهيم آية: ٣٧. ٣ سورة الصافات آية: ١٠٢.