السكن والهمداني والهروي: فَتَابُوا فَكَفَلَهم. كما جاء في أمره بذلك أول الحديث.
وفي قتل أُبَيّ بن خلف: ثم أبوا حتى يتبعونا. كذا للأصيلي والسجزي بباء بواحدة، ولغيره: أتوا بتاء باثنتين فوقها وكلاهما له وجه.
وقوله: إنَّا إِذا صِيْحَ بنا أَبَيْنا (١). كذا رواه الأصيلي والسجزي بباء بواحدة، ورواه غيرهما: أتينا بتاء باثنتين فوقها وكلاهما صحيح المعنى. أي: إذا صيح بنا لفزع أو حادث، أو أجلب علينا عدونا أبينا الفرار والانهزام وثبتنا كما تقدم. قال العجاج:
ثبت إذا ما صيح بالقوم وقر (٢)
وعلى الرواية الأخرى: أتينا الداعي وأجبناه أو أقدمنا على عدونا ولم يرعنا صياحه كما قال في الحديث الآخر: إذا سمع هَيْعَةً طار إليها (٣). وهذا أوجه لأن في بقية الرجز: وإنْ أرادوا فتنةً أَبَيْنا. وتكرار الكلمة عن قرب في الرجز والشعر عيب معلوم عندهم، وفي هذا الرجز أيضًا: إنَّ الأُولى قد أبوا علينا. كذا لأكثر الرواة بباء بواحدة. في حديث مسلم عن ابن مثنى وعند الطبري والباجي: قد بغوا علينا. وهو أصح، وكذا جاء في غير هذه الرواية في الصحيحين. ومعنى أبوا: أي قبول ما دعوناهم إليه من الإسلام والهدى أو أبوا إلا عداوة لنا وتحزبًا علينا.
وفي حديث [عبد الله بن] أُبَيّ ابن سلول: وَعَزَمَ قومُهُ على تتويجه (٤)، فلما أبَى اللهُ ذلك بالحقِ الذي جئتُ به. كذا هو بباء بواحدة لكافة الرواة وعند الأصيلي: أتى الله بالحق بتاء باثنتين فوقها، وكلاهما له وجه ومعنى الأول: أبى الله من تقديمه وإمضاء ما أراده قومُهُ من تمليكه بما قضاه من إسلامهم، وبعث نبيه ﵇، وهو معنى: أتى، في الرواية الثانية، ويعضد توجيه الرواية الأولى قوله في الحديث الآخر: فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك.
وفي الاستخلاف: لقد هَمَمْتُ أَن أُرْسِلَ إلى أبي بكرٍ أَو آتيه فأَعْهَدَ. كذا لأبي ذر، وفي نسخة عنه: وآتيه. بغير ألف. وعند الأصيلي والقابسي والنسفي: إلى أبي بكر وابنه (٥). قيل: هو وهم، والأول الصواب وعندي أن الصواب الرواية الثانية بدليل رواية مسلم: أن أَدعو أبَاكِ وأخاكِ حتّى أكْتُبَ كِتَابًا. وتكون فائدة التوجيه في ابن أبي بكر ليكتب الكتاب، أو ليكونا شهيدين عليه. وأيضًا أنه قاله في مرضه ﵇، وإتيانُهُ إذْ ذاكَ لغيرِهِ متعذرٌ.
وفي تماري ابن عباس والحر بن قيس في حديث الخضر وسؤالهما أُبَيّ بن كعب: فقال له أُبَيّ: كذا للسجزي بضم الهمزة وفتح الباء اسم المذكور أولًا، ولغيره من رواة مسلم، فقال: إنّي بكسر الهمزة والنون وكلاهما صحيح في المعنى، إذ يكون القائل: إنّي، أُبيًا المسؤول، والحديث عنه محفوظ، وجاء في البخاري:
(١) أخرجه البخاري في المغازي باب ٣٨، ومسلم في الجهاد حديث ١٢٣. (٢) تقدم تخريج الرجز. (٣) أخرجه مسلم في الإمارة حديث ١٢٥. (٤) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٣ باب ١٥، ومسلم في الجهاد حديث ١١٦. (٥) أخرجه بهذا اللفظ البخاري في الأحكام باب ٥١.