المنحرفة في الأصول والفروع. والكلام في هذه المسألة على الوجه التالي:
أولاً: ذكر بعض الآيات الدالة على الرؤية وبيان وجه الدلالة وكلام السلف حولها.
ثانياً: ذكر بعض الأحاديث الصحيحة التي تثبت الرؤية، مع ذكر أقوال بعض السلف لتوضيح معاني النصوص من تفاسيرهم وذكر الأدلة العقلية المؤيدة للأدلة النقلية مع الإجابة على شبه المعارضين النافين للرؤية:
الآية الأولى قوله تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ١، وهذه الآية لو سَلِمَت من تحريف المحرفين، وتدّبرها مؤمن سليم الفطرة وجدها تنادي نداء صريحاً بأن الله تعالى يُرى عياناً بالأبصار - يوم القيامة - وبيان ذلك كالآتي:
إن الفعل (نظر) له عدة استعمالات في اللغة على حسب تعديه بنفسه أو بواسطة حرف جر، فإن عدي بنفسه يكون معناه التوقف والانتظار، وذلك كقوله تعالى:{انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ} ٢، أي انتظرونا وتوقفوا لنا حتى نقتبس من نوركم، وإن عدي بـ (في) فمعناه التفكر والاعتبار. كقوله تعالى:{أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ٣، وإن عدي بـ (إلى) فمعناه المعاينة بالأبصار، وذلك كقوله تعالى:{انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} ٤.
وآية الباب من النوع الأخير بل هي أبلغ في الدلالة على المراد،
١ سورة القيامة آية: ٢٢-٢٣. ٢ سورة الحديد آية: ١٣. ٣ سورة الأعراف آية: ١٨٥. ٤ سورة الأنعام آية: ٩٩.