وقد وصفه بأنه كتاب مبارك١، وأنه {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} ٢. يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرج به الناس من الظلمات إلى النور {وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} ٣، ولقد تكفل الله حفظ هذا الكتاب، إذ يقول عز من قائل:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ٤، ووكل تبيانه إلى رسوله، وخاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم، إذ يقول جل وعلا:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} ٥، وشهد له سبحانه أنه عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى في بيانه هذا وأداء أمانة الرسالة:{إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} ٦، ولما كانت هذه مكانته وهذا شأنه أوجب الله طاعته، وحرم معصيته، فمن أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصى الله، إذ يقول عز من قائل:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} ٧، ويقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} ٨، فأمر الله المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
يقول بعض أهل العلم عند تفسير هذه الآية: "أعاد الفعل مع طاعة الرسول إعلاناً بأن طاعته عليه الصلاة والسلام تجب استقلالاً، من غير عرض ما أمر به على الكتاب، بل إذا أمر وجبت طاعته مطلقاً سواء كان ما
١ انظر: سورة الآنعام آية: ٦، وسورة الأنبياء آية: ٢١، وسورة ص آية: ٢٩. ٢ سورة فصلت آية: ٤٢. ٣ سورة المائدة آية: ١٦. ٤ سورة الحجر آية: ٩. ٥ سورة النحل آية: ٤٤. ٦ سورة النجم آية: ٤، ٥. ٧ سورة محمد آية: ٣٣. ٨ سور النساء آية: ٥٩.