بالتحديث منه، لسنه، أو علمه، أو علو سنده، أو غير ذلك، من المرجحات. وقوله:(فليس) اسمها ضمير يعود إلى المفهوم من " يحدث "، أي تحديثُهُ (كرهاً) أي مكروهاً، والجملة جواب " من "(أو) بمعنى الواو (خلاف الأولى) أي وليس خلاف الأولى، و (هذا) القول (هو الأرجح) لقوة دليله (والصواب) لاستقامة مُدْرَكه. ثم ذكر دليله بقوله:
(عهد النبي) منصوب على الظرفية متعلق بحدَّثَ، أو منصوب بنزع الخافض، أي في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي بلده، (حدث)، وأفتى (الصِّحاب) بالكسر جمع صاحب كجائع، وجِيَاع، أي أن الصحاب - رضي الله عنهم -: حدثوا في وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي بلده، كما في حديث:" إن ابني كان عسيفاً " الحديث، وفيه:" فسألت أهل العلم " فقد استنبط منه العلماء أنهم كانوا يفتون في عهده، وفي بلده، وروى أن منهم الخلفاءَ الأربعةَ، وعبد َ الرحمن بن عوف، وأُبيَّ بن كعب، ومعاذَ بن جبل، وزيدَ بن ثابت - رضي الله عنهم -، كما يأتي ذلك في قوله:
(وفي) عهد (الصحاب حدث الأتباع) جمع تبع بمعنى تابعي، كسبب وأسباب، أي أن التابعين رحمهم الله حدثوا في زمن الصحابة - رضي الله عنهم -.
روى البيهقي بسند صحيح في المدخل، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال لسعيد بن جبير: حَدِّثْ قال: أحدث وأنت شاهد؟ قال: أوَليس من نعم الله عليك أن تحدث وأنا شاهد فإن أخطأتَ علمتك؟.
(يكاد) أي يقرب (فيه) أي في جواز التحديث المذكور (أن يرى) بالبناء للمفعول ونائب الفاعل قوله: (الإجماع) أي إجماع العلماء، وأن وصلتها اسم يكاد، والجار والمجرور، خبرها (١) مقدماً.
(١) وكون خبر كاد غير مضارع قليل، كَعَسَى، قال ابن مالك: كَكَانَ كَادَ وَعَسَى لَكِنْ نَدَرْ ... غَيرُ مضارعٍ لِهَذَيْنِ خَبَرْ