ومنهجِه، وَلَا يَحجُّون إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي بَنَاهُ عَنْ أَمْرِ الله لَهُ فِي ذَلِكَ وَنَادَى النَّاسَ إِلَى حَجِّهِ. وَلِهَذَا قَالَ: {مُبَارَكًا} أَيْ وُضع مُبَارَكًا {وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ}» (١). اهـ
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: «وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ يَحُجُّونَ الْبَيْتَ كَمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَحُجُّهُ دُونَ الْيَهُودِ، فَلَمَّا رَأَى الْأَنْصَارُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ، وَتَأَمَّلُوا أَحْوَالَهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَعْلَمُونَ وَالله يَا قَوْمِ أَنَّ هَذَا الَّذِي تَوَعَّدَكُمْ بِهِ يَهُودُ، فَلَا يَسْبِقُنَّكُمْ إِلَيْهِ» (٢) اهـ.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: " وَالْمُشْرِكُونَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ مِنْ الْهِنْدِ وَغَيْرِهِمْ يَحُجُّونَ إلَى آلِهَتِهِمْ كَمَا يَحُجُّونَ إلَى سمناة وَغَيْرِهِ مِنْ آلِهَتِهِمْ، وَكَذَلِكَ النَّصَارَى يَحُجُّونَ إلَى قُمَامَةَ وَبَيْتِ لَحْمٍ وَيَحُجُّونَ إلَى الْقَوْنَة الَّتِي بصيدنايا وَالْقَوْنَة الصُّورَةُ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كَنَائِسِهِمْ الَّتِي بِهَا الصُّوَرُ الَّتِي يُعَظِّمُونَهَا وَيَدْعُونَهَا وَيَسْتَشْفِعُونَ بِهَا. " (٣)
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: «
تَنْبِيهٌ:
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، بَعْدَ قَوْلِهِ: {وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران الآية: ٩٧]، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَحُجَّ كَافِرٌ، وَالله غَنِيٌّ عَنْهُ.
وَفِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: {وَمَنْ كَفَرَ {أَوْجُهٌ لِلْعُلَمَاءِ.
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ كَفَرَ أَيْ: وَمَنْ جَحَدَ فَرِيضَةَ الْحَجِّ، فَقَدْ كَفَرَ وَالله غَنِيٌّ عَنْهُ، وَبِهِ قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالَهُ ابْنُ كَثِيرٍ. وَيَدُلُّ لِهَذَا الْوَجْهِ مَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ مِنْ أَنَّهُمَا قَالَا لَمَّا نَزَلَتْ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ
(١) «تفسير ابن كثير» (٢/ ٧٧).(٢) «زاد المعاد» (٣/ ٤٠).(٣) «مجموع الفتاوى» (٢٧/ ٣٥٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute