وكذا من قاله لامرأته:"إن دخلت الدار فأنت طالق"، ثم قال بعد ذلك:"إن دخلت الدار راكبة فأنت طالق"، فدخلت راكبة أو ماشية يقع الطلاق، ولا يتقيَّد المطلق بصفة الركوب.
وإذا كان عُرْفُ أهل اللسان هذا -يجب حمل كتاب الله تعالى وكلام الرسول -صلى الله عليه وسلم- على المتعارف؛ لأن كلام الله تعالى نزل بلغة العرب على حسب عاداتهم.
قال الله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} ١.
والرسول -عليه السلام- منهم, فيكون كلامه محمولًا على تعارفهم في الأصل؛ ولأن في هذا نسخ المطلق، لأن النسخ ليس إلا بيان انتهاء مدة الحكم.
ومن حمل المطلَق على المقيَّد -وقَبْلَ التقييد يجوز العمل به، وبعده لا يجوز- فقد انتهى حكم المطلق ضرورة.
والنسخ لا يجوز إلّا عند تساوي الدليلين.
والقياس وخبر الواحد لا يساوي الكتاب, والمتواتر" أ. هـ٢.
أقول: لكلٍّ من المذهبين السابقين وجاهته، وإن كانت النفس إلى مذهب الحنفية أَمْيَلُ، لقوة حجتهم -والله أعلم.
١ إبراهيم: ٤. ٢ انظر "ميزان الأصول" لأبي بكر السمرقندي ج١ ص٥٨٨، ٥٨٩.